تعدّ تجربة الترويكا في الحكم في تونس تجربةً متفرِّدةً بالمقارنة مع ما جرى في غيرها من دول الربيع العربي خلال المرحلة الانتقالية، إذ إنّها قامت على التحالف بين أكثر من حزب. وصلت القوى المكوّنة للترويكا إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، والحكومة التي انبثقت عنها كانت تمثّل الإرادة الحرّة للشعب التونسي وعبر ممثّليه في المجلس التّأسيسي. واجهت تجربة الترويكا التونسية عثرات مختلفة ولكنّها سجّلت بعض النجاحات. تحاول هذه الدراسة البحث في طبيعة التحالف الثلاثي الحاكم وتركيبته ومستوى التقارب أو التنافر بين مكوّناته، ومدى صلابة هذا التحالف وقدرته على الصمود في مواجهة تحدّيات المراحل والمحطات السياسية القادمة. وتخلص الدراسة إلى أنّ الترويكا التونسية استطاعت الصمود على الرغم من عناصر التفرقة والتنافر بين مكوّناتها، والمطبّات السياسية الوعرة التي كانت تنذر بتصدّع فعلي في بنائها. ترى الدراسة أنّه من المتوقّع إعادة تجربة الحكم الثلاثية مرّة أخرى، ولكن في ظروف مختلفة، ربّما يكون أبرزها تشكيل المعارضة التونسية جبهة واحدة لمواجهة هذا التحالف الثلاثي.